العدد السادس لسنة 2015
بأقلام أعضاء البيت
إرادة الشعب
مقالات ملفقة
بقلم ( محمد فتحي المقداد)*
[إذا الشعب يوماً أراد الحياة,, فلا بد
أن يستجيب القدر], كانت مطلع قصيدة أبو القاسم الشابي رحمه الله, من تونس الخضراء التي
قفزت إلى مقدمة الأحداث في العالم في بداية العام 2011 م, وتفاعلت الأحداث وتسارعت,
بعدما حرق نفسه الشاب محمد البوعزيزي احتجاجاً على الظلم الذي أحس به و عانى من تبعاته,
وكانت الشرارة التي أشعلت شمال إفريقيا ولم تتوقف حتى تطايرت أنظمة وأصبحت في ذمة التاريخ,
وما استوقفني في هذه المعمعة, هو الشعب, واستغرقت في التفكير بمعنى الكلمة التي تستوجب
البحث, وفي الرجوع إلى مورد اللغة فيكون الشَّعْبُ: ما تَشَعَّبَ من قبائل العرب والعجم،
والجمعُ الشعوبُ, والشُعوبيَّةُ: فِرْقَة لا تُفَضِّلُ العربَ على العجمِ. وأما الذي
في الحديث: أنَّ رجلاً من الشُّعوب أَسْلَمَ، فإنّه يعني من العجم. والشَعْبُ: القبيلة
العظيمةُ، وهو أبو القبائل الذي يُنْسَبونَ إليه، أي يَجْمَعُهُمْ ويَضُمُّهُمْ, و
قد تم التفصيل في معنى الشعب من أحد علماء اللغة وهو أبو عبيد عن ابن الكلبيّ: الشَعْبُ
أكبر من القبيلة، ثم الفصيلةُ، ثم العِمارَةُ، ثم البَطْنُ، ثم الفَخِذُ. وشَعْبُ الرَأْسِ:
شَأْنُهُ الذي يضم قبائِلَهُ. والشَعْبُ: الصَدْعُ في الشيء، وإصلاحُه أيضاً الشَعْبُ،
ومُصْلِحُهُ الشَعَّابُ، والآلَةُ مِشْعَبٌ. وشَعَبْتُ الشيءَ: فَرَّقْتُهُ. وشَعَبْتُهُ:
جمعته، وهو من الأضداد. تقول: التَأَمَ شَعْبُهُمْ، إذا اجتمعوا بعد التَفَرُّقِ؛ وتفرق
شعبُهُمْ، إذا تفرَّقوا بعد الاجتماع. وفي الحديث: " ما هذه الفُتْيا التي شَعَبْتَ
بها الناسَ" أي فَرَّقْتَهُمْ. والتَشَعُّبُ: التفرُّقُ؛ و الإنشعاب مثله. وأَشْعَبَ
الرجُلُ، إذا مات أو فارق فِراقاً لا يَرجِعُ. والشِعْبُ بالكسر: الطريق في الجبل،
والجمع الشِعابُ. وفي المثل: شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ، أي شَغَلَتْ كثرةُ المَؤُونَةِ
عَطائِي عن الناس., وشعبانُ اسم الشهر الذي يسبق رمضان، والجمع شَعْباناتٌ. وقولهم:
شَعَّبَ الأميرُ رسولاً إلى موضع كذا، أي أرسله.وسيدنا ابراهيم معناه في اللغات القديمة
أبو الشعب. وقصة نبي الله شعيب عليه السلام مع قومه"[ وإلى مدين أخاهم شعيباً
قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره، قد جاءتكم بينة من ربكم، فأوفوا الكيل والميزان
ولا تبخسوا الناس أشياءهم،...] فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي
هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشياءهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم، فآمن به
بعضهم وكفر أكثرهم، حتى أحل الله بهم البأس الشديد.وكذلك لم يسلم النبي محمد صلى الله
عليه من أذى قومه في بداية الدعوة في مكة فبعد وفاة زوجته خديجة وعمه أبو طالب وهو
ما سمي بعام الحزن, اتفقت قريش على محاصرة النبي وأصحابه فيما يسمى بشِعْبِ أبي طالب
وهو ما يعني محاصرة الدعوة وصاحبها لكي لا ينتقل تأثيره إلى الناس في مكة أو خارجها
وشِعاباً جمع شِعْب بكسر فسكون وهو الطريق الضَّيق بين الجَبلين, والشِعْبُ أيضاً:
الحَيُّ العظيمُ, وقامت دولة الإسلام واتسعت بعد الفتوحات وقامت في أيام العباسيين
الحركات الشعوبية كالزنج والقرامطة, وهما مما كان لهما من تفتيت لجهود الأمة وإحداث
الفتن والقتل وترويع الآمنين,ومن أشهر الطفيليين في التاريخ هو أشعب الذي جاء ذكره
في كتاب" البخلاء" للجاحظ وذكر طرائفه المضحكة.
ومصطلح الشعوبي كما في حركات الزنج والقرامطة
وهي حركات غير عربية المنشأ أما مصطلح الشعبوي وهو ما يعنى به الشعبي. ومع بداية عصر
النهضة في أوربا فقد ظهر مفهوم الديمقراطية وهو ما يعني سلطة الشعب, أو هي حكم الشعب
للشعب,أما الشعبيات فهي السكن الشعبي, وفي المفهوم الذي كان سائداً في الجماهيرية الليبية
هي التجمعات الشعبية الكبرى كالمحافظات في الدول الأخرى والشعبيات هي أحد مظاهر سلطة
الشعب, وفي كثير من الدول كسوريا مثلاً البرلمان يسمى مجلس الشعب لأنه انبثق عن الشعب
بطريقة الانتخاب, وكان إبان استقلال سورية هناك حزب الشعب الذي كان منه بعض قيادات
الاستقلال, وكذلك في بانغلاديش هناك حزب الشعب, وليس ببعيد عنا ما ابتدعه اليهود من
أنهم شعب الله المختار, والذي هم كسلالة فوق الجنس البشري.
ومما وصلنا من الهدي النبوي أن( الحياء
شعبةٌ من شُعَبِ الإيمان) أي ان الحياء هو أحد طرق الإيمان, وعن أبى هريرة رضي الله
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغزو لم يحدث نفسه بغزو مات
على شعبة من النفاق )- رواه مسلم.و لا يغيب عن بالنا ما دام البحث في كلمة الشعب لاننسى
قصيدة أبي الطيب المتنبي "شِعْبُ بَوّان " وهي إحدى قصائده التي مدح فيها
عضد الدولة, وللعلم فإن أحكام القضاء في سوريا تبدأ " باسم الشعب في سوريا"
وهو لما للشعب من أهمية في الحياة العامة, ولا يغيب عن بالنا ذلك الصحابي الجليل المغيرة
بن شعبة رضي الله عنه , وفي منطقتنا حوران هناك عائلة تحمل اسم الشعباني, وأخرى الشعابين.
ولا يفوتني أن أستعيد فترة صعود نجم المطرب
المصري( شعبان عبد الرحيم) الملقب شعبلو في حين أصدرت بعض الصحف الإسرائيلية تقريراً
عن أعدائها داخل مصر فذكرت( شعبلو, وعمرو موسى) يوم كان وزيراً للخارجية, وأستذكر ذلك
الممثل المصري الرصين يوسف شعبان ومواطنته الممثله عفاف شعيب , ولو أن أحد الحسناوات
أرادت شراء المجوهرات فبكل تأكيد ستمر على مجوهرات الشعيبي والتي تحمل اسم عائلة صاحبها.
ومهما تفرقت السبل والشعاب فإن درب الحق
واضح, لا يعمى عنه إلا مطموس البصيرة والمجادل الذي يتقدمه هواه في كل مناحي حياته,
وتبقى الشعوب هي المادة الأساسية لكل التجمعات البشرية أياً كانت تلك الأشكال, وإرادة
الشعوب جزء من إرادة الله.
ربّة مؤاب \ الكرك

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق