العدد الحادي عشر لسنة 2015
بأقلام أصدقاء البيت
مَداراتُ الحُروفِ
للشاعر : خلف دلف الحديثي
الرثاءُ لا يليقُ بالجبال
:
أحاولُ أَنْ أكُونكَ فِيَّ سَطْرًا
فَاكْتبني بِنَزْفِ الرُّوحِ شِعْرا
وَأرْسِمُ في مَدارِكَ صَوْتَ حَرْفي
وَأطْلُبُ في ضِفافِكَ مُسْتَقَرَّا
وَأسْعى حاسِرًا لِتُرابِ غَيْمي
لِيسْقيني غُبارَ الغَيْثِ نَهْرًا
فَأحْبِسُ عَنْ فَمي مَوْج القَوافي
فَتَأتي رُغْمَ سَدِّ المَوْتِ بَحْرا
فَأسْعى أنْ أكون أنا لِنَفْسي
وَتَسْعى خطْوَتي لِلأفْقِ حَيْرى
فَأجْلِسُ عِنْدَ جُرْفِ اللَّيْل أقْرا
بِما مِنّي اسْتَوى فَأتيْهُ فَخْرا
فَمِنْ بُرْجِ الجَمَالِ أُطِلُّ وَحْدي
عَلى بابِ النَّدَى فَأضَلُّ مَسْرَى
تُحاوِلُني الْقَصَائِد أنْ تَراني
وَرُوحي لا تَراى الإيحاءَ سَكْرَى
فَمِنْ بَيْتٍ تَداخَلَ فيه بَيْتي
إلى بَيْتٍ أرَى يَزْدادُ سِحْرَا
أنا أمْشي وَوَحْدي لَسْتُ أدْري
إلى أَيِّ الدُّروبِ أَجِيءُ طَيْرا
فَتَعْقِدُني الْحُروفُ بِبِئْرِ جَرْحي
وَتَجْرَحُني لِيَغْدو الدَّمَ حِبْرا
أنا قُرْبانُ مَوْتٍ لمْ يُمتْني
عَلى جَرْحي أقامَ المَوْتُ دَهْرا
أنا الْمُبْتَلُّ فِي مَطَرِ القَوافي
أتَيْتُ لأزْرعِ الْغَيْمات خَيْرا
وَأحْرِثُ في الحُروفِ تُرابَ قَلْبي
فَيَعْجِنُني النَّدا فَأصيرُ تِبْرا
لِأنَكَ قُلْتَ أَنّي لَمْ أجِدْني
بِبابِكَ وَالطَّريق إلَيْك أسْرى
نَهَلْتُكَ فَانْتَهِلْ مِنّي جُنونِي
فَمَنْ مِثْلي جُنُونًا قَدْ تَضَرَّى
فجئْني أشْتَهيكَ تَصيحُ رُوحِي
فكُنْ لي أنْتِ لِلخَفَّاقِ وَكْرَا
أضمُّك في يَدي طِفْل الأماني
لأرْضَعَ مِنْه ما أبْغيهِ دُرّا
تجلّى واقْترُبْ مِنِّي غروراً
فإنّي فيكَ دون الكلّ أحْرَى
فوحْدكَ من عليهِ ينوحُ شِعري
ووَحْدكَ من عليّ الحزْنَ جَرّا
أنَا أدْخَلْتُ بِاْلكَلِمات مَوْتي
وَصارَتْ تَحْمِلُ الأسْرارَ سِرّا
أقَمْتُ لِبَعْضِها جُدُرُ المَآسِي
وَما طَلَبَتْ أكُفُّ المَاءِ أَجْرَا
سَمَاءُ أضْلُعي وَيَدي بِرُوجي
وَصَدْري صَارَ لِلأقْمار صَدْرَا
يُجَرْجِرُني السَّحابُ لِظِلِّ بَيْتي
فَتَرْكُضُ أدْمُعي لِلبابِ جَهْرَا
فَأرْقُبُ ساكِنيهِ فَتَعْتَريني
لِمَرْأى نَخْلَتِي ذِكْرَى وَذِكْرَى
وَأحْجارٌ تُشاكِسُني غُرُورًا
وَطينُ الدّارِ حَوْلي التفّ كِبرا
فَأكْبَرُ مِنْ حُروُفي صَارَ جَرْحي
وَجَرْحي بِالحَنينِ لَقَدْ تَعَرّى
وَأكْبَرُ مِنْ سُطوري لَوْ تَجَلَّى
رَبِيْعٌ ضَلَّ عَنْ دُنْيايَ عُمْرَا
فَلا دَمْعي لَدَيَّ يَصيرُ حِبْرَا
وَلا حِبْري يَرَى فِي السَّطْرِ سَطْرَا
سَأكْتُبُ عَنْ مَخَاوِفِ كُلّ رُوحٍ
لِيَأتي مَنْ تَرَى لِلسَّطْرِ يَقْرَا
بَرِئْتُ وَلَمْ أزَلْ مِنّي عَليلاً
فَقُلْ لي يا مَتَى مِنّي سَأبْرَا
وَحَوْلي تَخْفتُ الأضْواء حَتَّى
أراني بَعْض قَلْبٍ قَدْ تَضَرَّى
فَحَرْفي غَصَّ في أوْجَاعِ أهْلي
وَفاضَتْ في فَمي الآهاتُ مُرّا
أُكَبِّرُ لَمْ يَجِئْني غَيْر صَوتي
وَصَوْتي فِيَّ بِالأصْوات يُغْرى
فَلَنْ تَكْفي الدَّفاتِر ما سَأرْوي
وَما أرْويهِ بِي يَزْدادُ نَثْرَا
أغُوصُ بِأسْطُري حَتَّى أرَاني
بِسُوحي تَخْفِقُ الرَّاياتُ حَمْرَا
سَقَيْتُ بِماء رُوحي جُوع أهْلي
وَقَلْبي ماؤُه قَدْ صَارَ خَمْرَا
وَأجْرَيْتُ النَّدَى بِشِفاه صَمْتي
وَمرّ بِقَفْرها حَتَّى اسْتَقَرَّا
أطيرُ وَلا مدارَ سِوى مَداري
وَحَوْلُك لَمْ أجِدْ لِلْقَلْبِ وَكْرَا
فَأوْقَدَني جَحيمًَا يَحْتَويني
وَيُطْلِقني بِحُزْن الماء ذُعْرَا
يُقِّيّدُ أفقَ جرحي خيطُ شمسي
فيُطفئُني الدّجى في الضّوْءِ حَصْرا
فَيا وَطَنًَا عَشِقْتُكَ فَاخْتَلِسْني
وَكُنْ بي مِثْلَما أدْريكَ بَرّا
تُصَدِّعُني الحُروبُ وَلَسْتُ أدْري
لِأيٍّ نَرْكَبُ الأهْوالُ جَبْرَا أ
أضاعُونا وَما قَدْ ﻻحَ فَجْرٌ
وَما نِلْنا بِمَوْتِ الأمْسِ ذِكْرا
أضَعْنا العُمْرَ هَدْرَا وَاحْتَرَقْنا
وَظُلْمُ الحاكِمينَ بِنا اسْبَطَرَّا
فَما أحْتاجُ غَيْر الحُزْنِ زادًا
وَلا عِطْرَا سِوَى الآهات نَشْرَا
أنا رُوحٌ تُخَضِّبُني العَوادِي
وَأحْمِلُ عَدْلَ هَذي الأرْضُ قَهْرَا
فَغَيْري بِالحَريرِ يَنامُ رَهْوًا
وَقَلْبي مَدَّ لِلْغُرَباء جِسْرَا
أُخَضِّبُ دَفْتَري في شيْبِ نبْضي
وَمِنّي صَوْت رُوحي مَا تَبَرَّا
فَما أرْضَى سِوَى أرْضي مَقامَا
وَﻻ غَيْر العِراقِ يَليقُ قَبْرَا
ولا حُزْني يليقُ بقبْرِ غيري
ولا غيري بما ادريه ادرى
وَما أحْتاجُ مِنْ وَطَنٍ يَراني
يُفَجرني أخي وَأقولُ شُكْرَا
أشيعوا حَرْبَكُمْ فَالأرضُ أرْضي
بِغَيْرِ عِراقِنا لَنْ تَسْتَقِرّا
***
8/11/2015 كركوك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق