بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 أبريل 2018

العدد الثالث لسنة 2018 السهل الممتنع في الشعر الشعبي العراقي بقلم / علاء الأديب




العدد الثالث لسنة 2018

السهل الممتنع في الشعر الشعبي العراقي

بقلم / علاء الأديب



 
............................................................


تميّز الكثيرون من شعراء الشعر الشعبي في العراق باستخدام السهل الممتنع في قصائدهم حتى انّهم بدأوا يتبارون فيما بينهم بقوة المفردة وصياغة الفكرة بعيدا عن المستهلك من القصائد. وقد ظهر ذلك جليّا في قصائد جيل السعينيات من القرن المنصرم. ويعود ذلك الى العديد من الأسباب أولها في رأيي المتواضع هو إن معظم شعراء الشعر الشعبي هم من شعراء الشعر العربي الفصيح الذي كان قد شهد تطورا كبيرا في السبعينيات من خلال ذهاب شعرائه الى السهل الممتنع كطريقة من طرق الحداثة داخل العمود لاسيما ما اتحف به الشاعر الكبير نزار قباني العالم بأسره من قصائد جاءت بسهلها الممتنع إضافة جديدة جميلة مستحبة للأذواق والمسامع.
أما السبب الثاني فيعود الى الرغبة الجامحة لدى العديد من شعراء اللغة الدارجة في الابقاء على ماينظمونه رغم التهديدات التي كانت تواجههم وتواجه مدرستهم الشعرية من قبل المؤسسات الثقافية التابعة للدولة بين الحين والآخر بحجّة المحافظة على سلامة اللغة العربية الفصحى من اكتساح ساحتها وتشويهها والتعتيم عليها من قبل شعراء اللغة الدارجة فذهب هذا الأمر بشعراء تلك المدرسة الى ترصين نصوصهم وتجميلها وتحسينها حتى غدت مطلب كلّ الملحنين للأغنية العراقية التي من خلالها استطاع الشعراء الشعبيون مقاومة مشاكسات السلطات في حينها فما أن صار النص اغنية حتى خلد في الاذهان والذاكرة.ولما انتبهت تلك السلطات الى نجاح الشعراء في تمرير نصوصهم الى الناس عن طريق الاغاني ذهبت الى تشكيل لجان لتقييم الصالح من الطالح منها وفقا لمبتغاها وسياستها .فقد حجبت الكثير منها بحجة اثارتها للشجن تارة وعدم ملائمتها لطبيعة المجتمع الأخلاقية تارة اخرى ومن الجدير بالذكر بأن اكثر تلك الاغاني كانت لشعراء وملحنين ومطربيين شيوعيبن كانت السلطات قد حضرت اغانيهم لسنين طويلة لأسباب سياسية ليس الا. امثال مظفر النواب وعريان السيد خلف وزامل سعيد فتاح وكاظم الرويعي وغيرهم من الشعراء .وكوكب حمزة وطارق الشبلي وغيرهما من الملحنين ومطرب المنلوج العراقي المعروف عزيز علي وفؤاد سالم وغيرهما من المطربين .ومن هنا يمكننا ان ان نستخلص طبيعة الاصرار على ابقاء وديمومة وتطوير تلك المدرسة الشعرية بكل الطرق التي تتيح لها ان تبقى قوية ومتينة بمبناها ومعناها وان تكون شاهدة على العصر من خلال نضالها ومقاومتها لكل انواع التعسف الذي واجهته.لقد كان للسهل الممتنع في قصائد الشعراء الشعبيين دورا كبيرا في رسوخ نصوصهم المغناة بأذهان العراقيين على الرغم من ان البعض منها كان يرمز لدلالات تشير الى ماوراء الكلمات وفقا لمفاهيم معينة تخص نخبة من شرائح المجتمع الا انها كانت مستساغة من قبل الجميع لسلاسة المفردة وسحر اللحن كما في اغنية ليل البنفسج للشاعر مظفر النواب والتي غناها المطرب ياس خضر ولحنها الملحن طالب القرغولي. ولو اردنا ان ندخل عالم السهل الممتنع في الشعر الشعبي العراقي لوجدناه عالما قد يكون اوسع من ذاته في الشعر العربي الفصيح للأسباب التي اسلفنا ذكرها .كان على تلك المدرسة الشعرية ان تعيش وتستمر من خلال الابداع لترسخ رسوخ الطود الشامخ في وجه الريح فكان لها ماكان.
 
علاء الاديب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق