بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 17 أكتوبر 2018

العدد السادس لسنة 2018 أقهوة أم سيجارة أم رغيف خبز? بقلم / علاء الأديب

 العدد السادس لسنة 2018

أقهوة أم سيجارة أم رغيف خبز?
 
بقلم / علاء الأديب






لم يكن معه سوى مايكفي لواحدة .لم يتصدّق عليه زبائن القهوة بما يكفي هذا اليوم .
تابعته وهو يقف متأملا عامل القهوة وهو يحضرها للزبائن وينظر لما في يديه.
ومن ثم يشيح ببصره ليذهب به الى رجل يستنشق سيجارته وكأنه يغازلها .عيناه تفيضان ولعا بالدخان الذي يخرج من فم الرجل وانفه وكأنه يتمنى ان يستنشقه بشغف.
ورائحة شواء الخبز من الفرن المجاور لم ترحم جوعه.ماترى يشبع هذا المسكين.
بقيت اتابعه وانا انتظر بلهفة ماستؤول اليه الحال .
أعاد الكرة في تجربة حظه وبدأ يطلب من الجالسين في القهوة مايكفي حاجته لرغيف وسيجارة وفنجان قهوة.
لم يكن حظه هذه المرة أكثر من سابقتها.
لم أطق صبرا على حاله فأشرت للقهوجي بأن يعد له فنجانا كبيوا من القهوة .ففعل الرجل واعطاه القهوة دون أن يخبره عمن سيدفع ثمنها .فقرأت في عيون الرجل فرحة لاتوصف.
وبينما هو يتناول قهوته قمت من مكاني ووضعت أمامه ماتبقى من علبة سجائري التي لم ادخن منها سوى اربع سجائر.وخرجت الى فرن الخبز لأتي له برغيفين من الخبز الحار الناضج .ولما تمكن الرجل من كل ماكان يسعى للحصول عليه شعرت بأنه بما حصل عليه من سدّ رمقه قد ملك الكون بما فيه.اراد أن يشكرني فمنعته وانصرفت الى مكاني اراقبه وهو يأكل ويشرب ويدخن ويتمتم بكلمات لم افهم اغلبها لكنّها تدل على الرضا.
لم يكلفني هذا غير ملاليم ليس لها قيمة تذكر أمام مايصرفه طفل من اطفال الجالسين في ذلك المقهى اللعين .
سألت نفسي حينها أين يمكن أن تكون قد اختفت انسانية الانسان في هذا الزمن العاهر ?أين يمكن أن تكون قد اختفت أخلاق الناس?لماذا تحول الانسان الى ادنى من الحيوان?
ماذا لو تفضلت على جائع محتاج بما زاد عن حاجتك مما اعطاك الله?ماذا لو تكرمت على من كان كهذا الرجل بما ترميه يوميا في القمامة من الخبز الزائد والطعام الفائض?
ولكي لايرتفع ضغطي أو سكري ولاحافظ على هدوئي اثرت الانصراف من المكان لاعتزل في بيتي بقية نهاري.فالوحدة اهون من الغربة .وليس اشد قسوة من غربة الانسان في انسانيته.
علاء الاديب.
تونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق