بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 ديسمبر 2014

العدد السابع عشر لسنة 2014 ... بأقلام أصدقاء البيت ... زمارُ شـَعبُون ... بقلم : عبد الجليل العلوي





العدد السابع عشر لسنة 2014

بأقلام أصدقاء البيت

زمارُ شـَعبُون
 
بقلم : عبد الجليل العلوي







ما حقيقة ُ ما بهذا الأنبوبِ المَعدني، الشـّبيهِ بالمزمار؟ لمْ يعرفْ أحدٌ ذلك، منذ ما يزيدُ عن ثلاثينَ سنة. ولمْ يَعرفْ أحدٌ، إنْ كان صاحبُهُ شعبون من مَجانين ِ المدينةِ، أم هو منْ أولئكَ الحُكماء ِ، مُلازمي الصّمتِ، الهائمين في الأنهُج و فِجاج ِالأحياء ِ والمَقاهي. الثـّابتُ، أنـّه يُخبِّئُ، منذ سنين مَديدةٍ، شيئا في أنبوبـِهِ، ثمّ سَدَّ فتحتيْهِ بمادّةٍ إسفلتيةٍ، وحرصَ على أن يجعله رفيقـًا مُلازمًا، أينما حلَّ.
جلسَ شعبُون، ذاتَ ضُحًى، إلى طاولةِ أحدِهم، بالمقهى. وأخذ ينظرُ إلى بعض ِ الصُّوَر الباديةِ على شاشةِ الحاسوبِ. وسألهُ صاحبُ الجهاز، وهو منشغلٌ بالمَلامِس، تجُولُ عليها أناملـُهُ، وترقصُ في رشاقةٍ:
- أما آنَ لنا أنْ نعرفَ ما بأنبوبكَ، وقد بَدَا عليكَ الشـّيْبُ، بَعدُ؟
واستغربَ جميعُ مَن في المقهى. وانشدُّوا إلى المفاجأةِ، بذهول ٍ: ها شعبونُ يَمدُّ يدَهُ بالأنبوبِ إلى جليسِهِ. وتجرَّأ َ أحدُهم على تناوُلهِ. وعالجَهُ حتـّى انفتحَ. وأغرقَ الجميعُ في الضـّحِكِ لمّا رَأوْا عُصية ً تنعَـقِفُ وتزدادُ انعِقافـًا، كلـّما خرجتْ منَ الأنبوبِ.
حَنقَ شعبونُ، واشتدَّ استغرابُهُ، منهم. وغادرَ المقهى، وهو يُهمهمُ قائلا:
- طِبتمْ غباءً وسذاجة ً. لنْ تفـقـَهُوا طبيعة ذ َنـَبِ الكلبِ، ما عِشتـُم، أيّها المَجانين.


عبدالجليل العلوي
(المرناقية. تونس. نوفمبر 2014)










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق