بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

العدد العاشر لسنة 2015 ... المقال .... "عيد بأيّة حال عدت يا عيد؟" .... بقلم : الأديب التونسي بشير الشيحي





العدد العاشر لسنة 2015

المقال

"عيد بأيّة حال عدت يا عيد؟"

بقلم : الأديب التونسي بشير الشيحي






تنثر وجهك الهارب من الرّيح أيا عيد, تجوّد الصّمت وتحمل ريشا يداعب زخارف التّيه. أنشودة أنت أم جماجم تقبّل ضيق العيون ؟ أيا عيد كنت حلما يبزغ في صرخة ماء, في ضحكة جوع تعرّت صارت عزاء لأشجار الصّنوبر. أيا عيد بما عدت إلينا ونحن حفاة كذاك الأنين, بلقيس توسّطت كلّ الفواصل تقارع صمت العشاء الأخير. إبراهيم جاء يسعى يكابر سرّ الحصار, القدس بكتنا وشهوة الطّين خبت قرب الدّيار. "وديارا كانت قديما ديارا سترانا كما نراها قفارا"


********************

أيا عيد عدت عراء يخنق الحلم فيعوي صباحي , يؤرّخ موت صبيّ له مقابض نار وحكمة نبيّ يعدّ أعياد العباد.بطيء اتّجاه الرّياح وأبي تخطّى نكهة شواء طريّ. أبي وأنا فوق حصير تضيء الملامح. أشياؤنا تغفو , الرّمز يسلّ دهشة تتصفّح نارا لطيفة كالخجل. أنا وأبي مذاق حواس تبدأ الاحتفال. ذا الغيم توهّج فوق المقل ودمع صبيّ يستحمّ أعمى في جثّة تخفي شمسها العاشقة أقطّر للفجر عيدا , أصفهان تغنّي وقصر الرّشيد أطلّ في جرار البلاغة نجما يوزّع الأغنيات . اليوم عيد والعيد للكائنات...


*********************


تنسج الشّمس للعيد قميصا و تطعم الحرف صورة وسؤالا. العيد لنا أم للآخرين؟ بدء الخليقة صار حكاية يخاصر تجاعيد القبل .تمزّقت كلّ اللّعب والبرتقال أطال السّؤال عن وردة جاورته دون احتفال.أيا عيد دعك من عدد الزّغاريد, خذ لك يدا تقاتل عواء الجليد , رغيفنا صار سوادا وأنت تجدّد القول, تعيد الفراغ للمواعيد .


*********************


لا ملح لنا فكيف نبحث عن مذاق, زقاق المدينة صار يرتاد نفاق المدامع. الحوت هجر يبس رغيف والطاولة صارت تمثال عيون تقتل الظّلمة. العيد للكائنات لغرقى يتامى , من كان يوزّع التّخمة على الجائعين ,جلادّ أرضي اللّعين أم انسداد الأفق؟ . لا حلّة للعيد, سراويل الرّمز باتت تتجوّل في العراء .كلوا لحمنا وقولوا لنا :"هنيئا لكم وصبرا لنا" أنحن البديل لعيد تقادم ترّهل كالحان القصيد يا شعراء. العيد أعاد السّؤال من غرس فينا رمح الخيانة من شنق الموج ورتّل علينا موت صدانا؟
نضحّي نحن. نعم نحن نضحّي بكل جدار يرهف السمع... نضحّي بفسحة المعنى نضحّي كهذا العيد ونحن شتات قصيد يسلخ الدّمع وينسى الكلام .


********************


أيا عيد بأيّة حال عدت؟ كما كنت تقرع ذبذبات الصّدى. لا بل عدت بلغة تدوّن فتات الدّموع تصفع الهجر العجيب, تفتّت لفبف الضّجر .عدت يا عيدي بحرف أبرم رقص البنفسج وفاح يطرب لواحق القرّ لأنّك منّا , عدت لتأكل وجهي وتغسل الثّلج الشّهيد خذ لفظي إلى راحتيك وجمّل كلامك بخفق الوريد.عدت تجوّد وأنت كالقارعة تبشرّ بأرجوحة تتلف قنطارا من دمعك الأعزل وقنطارا من فرحة أنثى و غيمة تفارق الرّوح .تعال نحبّ صهوة ريح نركب النّار الجريحة .لا صخر يحجز الصوت فنحن بلاد تصدّ تخوم العراء. حناجر النّور تهادت كالأمسيات تودّع الظلّ العتيق عدت وعادت ريتا إليك تغنّي: درويش حشد الحلم وألهى البنادق عنّي.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق