بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 أكتوبر 2015

العدد العاشر لسنة 2015 ... الأدب العالمي المترجم ... مجموعة قصائد لـــ د.ه. لورنس .. ترجمة الشاعر العراقي عبد العزيز الحيدر








العدد العاشر لسنة 2015

الأدب العالمي المترجم

مجموعة قصائد لـــ د.ه. لورنس ..

ترجمة الشاعر العراقي عبد العزيز الحيدر







بيانو

بهدوء,في الشروق ,امرأة تغني لي
أرجعتني إلى مشاهد السنين الخوالي
حيث رأيت
طفلاُ يجلس تحت البيانو
متوترا ومتحفزا
يضغط على الأقدام الصغيرة المتوثبة مع اللحن
أقدام الأم التي تبتسم وهي تغني.........


**************


بالرغم مني , السيادة الماكرة للأغنية تخيفني وتردني الى الخلف
تبكي قلبي وتلح في العودة
العودة إلى أماسي الأحد القديمة في البيت
والخارج ممتلئ بالشتاء والإيقاع في صالة الاستقبال المريحة
إيقاع البيانو كان دليلنا
ولكن الآن من العقم أن ينفجر المغني بالصراخ
مع الأصابع السوداء الكبيرة
بهجة أيام الطفولة تلفني
ويتوقف زمني فما عدت رجلا
أني اغرق في فيضان الذكريات
فابكي مثل طفل يحن الى الماضي
يحن إلى تلك الجلسة تحت أرجل البيانو
أفضل المدارس
أنهم عميان بسبب الشمس
الشمس المتدفقة
الغرفة في كآبة قاتمة,عديمة اللون
كما تحت طوف من المياه
كانت التموجات الساطعة تجري
عبر الجدران, فيما العميان......
الأولاد
ينفخون تاركين نور الشمس يمرق داخلاُ
وأنا
فيما أنا جالس على شرفة الصف وحيداُ
أراقب الأولاد في بلوزاتهم الصيفية البهيجة
أنهم يكتبون,رؤوسهم المستديرة منحنية بانشغال
الواحد تلو الآخر يرفع رأسه ويتأملني
يتأملني بشكل هادئ جداُ , كما ترون ..........
أنهم لايرى


*********************


ثم يستدير ثانيهُ, وبقليل من السرور
يستدير عائداُ الى عمله ,عائدا مني أليه
بعد أن وجد ما أراد............
بعد أن امتلك ما كان يتمنى
كم هو حلو, فيما أمواج الشمس في هذا الصباح الممتلئ نضوجا
كم هو مبهج الجلوس في وحدة مع الصف
والأحساس بينبوع الصحوة يترقرق حارقا
بيني وبين الأولاد ,حيث تغتسل أرواحهم المشرقة في هذه
الساعات
الساعات القليلة
  
في هذا الصباح, جميل أن اشعر بالفتيان ينظرون إلي ثم يعودون في سرعة البرق الى أعمالهم
كل واحد يسرع باكتشافه,
مثل الطيور التي تسرق وتهرب
لمسةُ بعد لمسه أشعر بأعينهم تبحث في وجهي
تبحث عن جنة................
من الارتعاشة التي يتذوقونها بابتهاج


********************************


كما العذوبة تصل بتوق
أنهم يدورون ببطء حتى يلمسوا
الشجرة
تلك التي أنهكوا من الحراثة حولها
أنهكوا من تسلقها
للحد الأقصى من حياتهم
كذلك كانو يتسلقونني
ويحرثون في وجهي


*******************************


أشعر بهم يسلقونني
يشقونني
كما الخمرة تصعد إلى اليافوخ
أنهم يضفرون حياتي بأوراق أخرى
زمني يختفي في زمنهم
وما يثيرهم يثيرني
الأفعى
أفعى جاءت الى حوض الماء
في الحر ...... اليوم الحار , وأنا في البيجاما
والجو حار .......
جاءت لتشرب
في الظلال العميقة , المتفرقة بغرابه
ظلال الظلمة العظيمة لشجرة الكاربو
نزلت الدرجات بإبريقي
كان في الانتظار
كان على الوقوف
والانتظار ,
لأنه كان قد ورد الحوض قبلي
لقد نزل من الشق في الأرض بكآبة
جرجر بطنه الناعمة الصفراء المسمرة .....ببطء إلى الأسفل
فوق حافة أحجار الحوض
وأراح حنجرته فوق حجارة القاع ....حيث الماء
يتقاطر من الحنفية بوضوح
رشف بفمه المستقيمة
شرب بهدوء من خلال لثته المستقيمة
كان جسمه طويلاُ......بطيئاُ
بصمت......
أحدهم كان قد حضر قبلي الى حوض مائي
وأنا......مثل القادم الثاني...... كنت انتظر.........
رفع رأسه من شربته كما تفعل الماشية
نظر إلي بلا مبالاة الماشية وهي تشرب بهناء
أومض لسانه المتشعب من خلال شفتيه وبدا مفكراُ للحظه
توقف.... ثم انحنى وشرب جرعةُ أخرى
كالأرض,كان
ذهبياُ كان ..........اسمراُ
وأمعاءه المحترقة في ذلك اليوم
الرملي المحرق
النهار التموزي
والدخان يتصاعد
كان صوت تربيتي يقول لي
يجب أن تقتله ؟
لأنه في العرف السائد ,أن الأفاعي السوداء
السوداء بريئة
والذهبية سامه ....
صوت آخر في داخلي كان يقول لي
أن كنت رجلا..........فخذ بعصاُ وحطمه الآن
انهه في الحال
لكن يجب أنا أعترف ....كم أحببته ؟
وكم كنت مسرورا لمقدمه كضيف هادي
ليشرب من حوض مائي
ويغادر مسالما هادئا..........ناكرا للجميل
في أمعاء الأرض المحترقة
هل كان جبنا , أن لا اقتله ؟
هل كان عناداُ,إنني كنت اشتاق الى الحديث معه ؟
هل كان إذلالا , أم هو الشعور النبيل المشرف ؟
كنت اشعر بالشرف
ولحد الآن تتردد تلك الأصوات
أذا لم تكن خائفا فلماذا لا تقتله ؟
حقاُ كنت خائفا , كنت خائفاُ جداُ
ولكن رغم ذلك , كان إحساسي بالنبل أقوى
فانه جاء طالبا كرمي وضيافتي
من وراء الأبواب المظلمة للأرض
الأبواب السرمدية......
شرب كفايته ,ورفع رأسه حالماُ
كرجل ثمل
وأومض بلسانه في الهواء كليل
متشعب في غاية العتمة
كان يلعق شفتيه
ينظر حوله , مثل آلهة ,غافلا عما حوله........
كان ينظر في الهواء,في المطلق
وببطء
أدار رأسه
ببطء...
ببطء شديد
كما لو كان يحلم لثلاث مرات
مضى يرسم طوله المنحني البطئ في دورة إلى الوراء
وبدأ يتسلق مرة أخرى الحافة المكسورة
لوجه الحائط..............
وحال ما وضع رأسه في تلك الفتحة المخيفة
وحال ما تقدم ببطء , كانت ألفتحه هي الأخرى
أفعى تلتهم أكتاف أفعى
ودخلت أكثر فأكثر صنف من الرعب , صنف من الاعتراض
ضد دخوله في ذلك الثقب الأسود
متعمدا ذهب الى ألظلمه
سحب نفسه أليها
وباتجاهي أدار ظهره.........
نظرت حولي , ورميت أبريقي جانبا
التقطت جذع اخرق
رميته في حوض الماء ...محدثا بعثره
اعتقد بأنني لم ارمه
ولم فجأة
كان الجزء المتبقي منه خارجا
يتشنج باستعجال وخوف
تلوى مثل البرق
اختفى في الثقب الأسود
في ذلك الشق ...... شفة الأرض
تلك الشفة في هذه الظهيرة الحادة
احترقت بالسحر
وحالاُ
ندمت
فكرت كم هو تافه؟
كم هو فظ ما فعلته ؟
احتقرت نفسي ..... وأصوات اللعنة الإنسانية لتربيتي
وتمنيت ان يعود........
أفعاي
لقد بدا لي مثل ملك ؟
نعم ملك في المنفى
خلع من عرشه الى تحت الأرض
وهو مستحق الآن ان يتوج ثانية
وهكذا فقدت فرصتي مع احد لوردات الدنيا
وهناك ما علي ان اكفر عنه؟
لابد ان اكفر عن التفاهة.
(نورمانيا ...استراليا)
الكنغر
في نصف الكره الشمالي
الحياة تبدو فاخره في الهواء
وتتقشط تحت الرياح
مثل تيوس على ارض صخرية ,كخيول تصهل عالياُ
أو أرانب نطاطة قصيرة الذنب
او ما عدا ذلك من التي تسرع لتشارك السماء في افقها
مثل الثيران او الخنازير البرية
او تنزلق مثل ماء ينزلق نحو ممرات نهايته الأبدية
مثل الثعالب ,والقوا قم , والذئاب , والكلاب
فقط الفئران والسناجب والجرذان والغريرات , والقنادس وربما الدببة
تلك التي بطونها ممتده الى وسط سرة الأرض
او الضفادع التي عندما تتقافز و تجئ وتتخبط
الى مركز الأرض
ولكن الكنغر التقابلي الأصفر عندما تنتصب لا يمكن أن تتخيل جلستها
أنها قطرة من سائل ثقيل
تلامس الأرض ,متكورة
أنها القطرة التحتية
الحافر التحتي
الكنغر الأم
الأم الرقيقة
تجلس جلسة الأرنب الحكيم , ولكنها ضخمة ثقيلة الوزن
ترفع وجهها الرشيق الجميل
أواه
أنها مخططة بلطافة وبشكل دقيق أكثر من الأرانب
أكثر حتى من الأرانب البرية
رافعة وجهها وهي تقضم النعناع الأبيض الذي تحبه
أيتها الأم الكنغر.....
الأم الحساسة
وجهها الطويل الصافي العريض , الحساس
وعيونها المتقابلة بكمال , العميقة السواد
الواسعة , الكبيرة والهادئة والتي ترمي بعيدا
تراقب الغروبات الفارغة الاسترالية الموحشة
أيديها الصغيرة الطليقة, وأكتافها الفيكتورية المتدلية
وبعد ذلك وزنها العظيم من تحت الخصر وبطنها الشاحبة
التي يتدلى منها كفوف صغيرة صفراء
كفوف فتية غضه
تتدلى خارجا
وأذنين طويلين , رقيقين
مثل أشرطة الزينة
كزينة مسليه ممتدة من بطنها
تظهر الكف الرقيقة لحيوان غير ناضج
وأذن رقيقة واحدة
بطنها .....وركها الكبير
بالإضافة الى الكتلة العضلية من أصل الذنب
وهنا ,,هي لا تملك المزيد من ورق النعناع المتساقط
وهي لذلك وبكت وقار وحكمة, تشم الهواء بحساسية بالغة
ثم تدور مغادرة بقفزات مريبة بطيئة
تقفز , سيقانها الطويلة المسطحة كالمزلاج
تنقاد وتندفع بقوة تلك الأفعى
بقوة الذيل الفولاذي القوي
تتوقف مرة أخرى , نصف دورة
بفضول تنظر الى الوراء
بينما شئ ما يتحرك بسرعة في بطنها
وجه صغير متمايل يظهر للخارج
يطل كما من نافذة
ينظر الى العالم بقليل من الفزع
ثم يختفي بشكل سريع ثانيةُ
ينزل الى الحضن الدافئ
تاركا اثر كف أخرى معلقة خارجا
ما زالت تراقب متبخترة وبجرأة
كم عيونها مكتملة ؟ كاملة لا يسبر غورها ....مشرقه
أنها عيون طفل استرالي اسود
فقد منذ قرون على هوامش الوجود
أنها تراقب بحزن وقلق
قرون هائلة من مراقبة شئ ما سيأتي ؟
لإشارة جديدة من الحياة
في تلك الأرض القفر الصامتة في الجنوب

حيث لا شئ يلدغ سوى الحشرات والأفاعي والشمس



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق