العدد الرابع لسنة 2015
أدباء منتديات نبع العواطف الأدبيّة
(10)
الأديبة سلوى حماد
سيرة ذاتية..
أنا امرأة جذوري كنعانية ..هويتي عروبية..فلسطين بلدي من أجمل بلاد الدنيا
لكنني حٌرمت العيش فيه لأنه مٌحتل منذ أكثر من 65 عاماً ولا يزال فكان الشتات والغربة
قدرنا..ولدت في القاهرة وترعرعت في منطقة المغرب العربي ثم انتقلت الى الأردن ثم لمنطقة
الخليج ثم كندا..من كل محطة حملت ما خف حمله وغلا ثمنه من ذكريات وتجارب.. وطني عبارة
عن شنطة سفر وذاكرة ملئى بالصور..ومكاني الأكثر دفئاً عبارة عن غيمة بيضاء من الزمن
الجميل ..ذلك الزمن الذي كانت للأشياء فيه نكهة مختلفة..
قرأت كثيراً.. روايات ودواوين شعرية عربية ومترجمة..قرأت في العلوم الإنسانية
بكافة فروعها..وعندما تخصصت في دراستي الجامعية اخترت العلوم البيولوجية...ومنها تعلمت
أن أهتم بالتفاصيل الصغيرة والتى لا يراها الجميع..وعندما تابعت دراستي العليا اخترت
إدارة الأعمال..
حياتي المهنية بدأتها بمهنة التدريس ثم تحول مسار عملي الى الإدارة فعملت
رئيساً لقسم شؤون الطلبة والتسجيل في إحدى مؤسسات التعليم العالي بدولة الإمارات..
أمارس الرسم بأنواعه.كما أهوى التصوير وأحب الفنون اليدوية لأنها تفتح
لي أفاق الابتكار..بدأت الكتابة في مجلة الحائط المدرسية ومن ثم في مجلة الجامعة..أكتب
في الخاطرة لأنها الفضاء الأدبي الرحب الذي يستوعب دفقاتي الشعورية ولا يقيدني بوزن
أو قافية في نصوصي يظهر النفس السردي بوضوح ربما لتأثري بالروايات العديدة التي قرأتها..كما أكتب
في المقال في الجانب الاجتماعي والسياسي.تٌرجمت بعض نصوصي للفرنسية..كما تناول بعض
الأدباء المعروفين بعض نصوصي للدراسة النقدية..
أكتب في عدة منتديات منذ العام 2006 كما قمت بنشر عدة مقالات ونصوص لي
في بعض المجلات الألكترونية المعروفة ..
تقلدت عدة مهمات إدارية في عدة منتديات ولازلت ..أحضر لطباعة باكورة أعمالي
الأدبية والذي اخترت له إسم " أوراق السلوى" كعنوان...وهو عبارة عن نصوص
نثرية متنوعة..
سلوى حماد
أنا
وظلي
منذ زمن بعيد..أكثر من بضع الف من الساعات وأضعاف أضعافهم من الدقائق والثواني وأنا أبحث عن حقيقة أو بعض حقيقة بيني وبين نفسي..بيني وبين ظلي الذي يطاردني كالمخبر حتى الإنهاك ثم يخذلني عند أول سورتحتضنه نباتات الصبار.
ربما كنت أنا من بادر بخذلان ظلي فرد لي الصاع صاعين في أول فرصة..رغم عفويتي وتلقائيتي إلا انني لم أجالسه يوماً ولم اخبره يوماً بسر تلك الدمعة التى فرت من بين أهدابي..اصطنعت الفرح حتى لا يشمت بي ويصادر لحظة حزن احتاجها قبل مغيب الشمس..
كنت أتدثر بمعطف صمتي حتى لا أنزلق بكلمة تصبح هفوة يسجلها لي في دفتر الحضور رغم غيابي في غبار الضوء المتهالك على أهدابي المتكسرة من كثرة السفر في صفحات الروايات والبكاءعلى بقايا سفن الحب الغارقة.. ربما كنت أجيد فن التكيف مع من حولي أكثر مما يجب..كنت كالمطر المتشرد الذي تحمله غيمة تائهة تلقي به حيث يشاء لها الله لكنه يظل مطراً بكل مواصفاته حتى لو هطل فوق أرض بور..
لم يكن ظلي قادراً على إهدائي سوسنة في موسم الربيع ولم يكن قادراً على أخذي الى عوالم أكثر شاعرية لأنجب فيها ألف زهرة حالمة...
لم يكن ظلي قادراً على مرافقتي عندما كان يعلو منسوب مزاجيتي الى شاطئ البحر الذي كان ينحسر قهراً علي تاركاً ملحه لي لأذيبه في فنجان قهوتي..
أقهقه عندما يسألني النادل ما نوع قهوتك فأجيبه بتلذذ ملح زيادة.. تتجمع سحب الدهشة في عينيه ويطل ظلي من خلف ظهري ليتابع المشهد بخبث.
لم يكن ظلي شجاعاً حتى يخوض معي فكرة ارتكاب حماقة الحب فاختبأ عند أول نبضة مجنونة يقضم أظافره خوفاً من عاقبة تودي بحياتي فينتهي معي..
أعترف بأنني أتعبته معي..
أغرقته مراراً عندما كان يبللني الشوق ..
وعندما كنت أنتحل ألاف الشخصيات لأكون كل يوم أميرة من عصر مختلف..
أرهقت ظلي حتى الحرج عندما كنت أتصرف بسذاجة الإنسان البدائي..
وعندما كنت أعلن عن غضبي بطفولية مستفزة من مشاهد الحب الفضائية المكرورة مكشوفة النهاية..
أنهكته بساعات انتظاري التى لا تنتهي وبخيبات أملي في انتظار ذلك الزائر الذي يأتي ولا يأتي.
ولأنني لست من هذا الزمن لم أكن أجيد فن الإتيكيت الحديث المعني بتجميل القبيح ..فن المجاملة بإفراط حد التخمة والتقيؤ..كنت أمارس قلة الذوق مع أشباه المثقفين الذين يقتبسون أحرف الاخرين ليسفحوها أمامي بدم بارد وكان ظلي يراقبني ويهتز كوتر في يد عازف كمان يحاول ضبط إيقاع نغمة شاردة..لا أدري أكان يهتز طرباً أم خجلاً من تصرفاتي..
كانت تراودني أحياناً أفكاراً جهنمية بأن أعاقب ظلي ...
كأن أحبسه في غرفة مظلمة مثلاً فلا يعود له وجود..
أو أن أغرقه قهراً في حضن موجة شمطاء تبتلعه في لحظة نهم..
أو أن أدفنه تحت مظلة في عز الظهر... لكنني كنت دوماً أخرس شيطاني الذي يوسوس لي..
اكتشفت بعد رحلة ثلثها بحث وتقصي وثلثها اكتشاف وثلثها خيبة ووجع بأن ظلي هو الأقرب وهو الأكثر حضوراً في زمن الغياب المتوقع وهو الأكثر طهراً في زمن يمارسون فيه الطعن من الخلف على أنغام شاعرية..رغم أنه يسير خلفي إلا إنني لا أكون بأمان إلا برفقته وهو يمارس حراستي في صمت... قررت أن لا أرهقه بعد اليوم باللحاق بي في مساحات مكشوفة لساعات طوال وأنا ابحث عما ضاع مني...سأمارس النسيان بمزيد من الدفء ومزيد من الصبر وفناجين القهوة المالحة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق